"خالد" كان من الأول على طول عصبي، من أقل حاجة يتنرفز ويزعق ويشخط، أقل حاجة بتثير أعصابه وتخرّجه عن وعيه وتخلّيه إنسان تاني غير "خالد" الهادي الرقيق الرومانسي.
أول مرة شفته وهو متنرفز ماكنتش مصدقة إن هو ده الإنسان اللي أنا حبيته خصوصا إن السبب كان تافه قوي فإيه يعني لما واحد صاحبه ادى له ميعاد وماجاش... صحيح هي حاجة تضايق بس رد فعله كان عنيف قوي خصوصا إنه ماكانش لسه عرف ظروف صاحبه إيه ولا إيه اللي عطله.
لكن ده من غير ما يعرف حاجة قعد يزعق واتصل بيه وشخط فيه وفضل بعدها ساعتين شكله مخيف وأنا خايفة أتكلم نص كلمة.. فشكله فعلا كان مرعب وبصراحة أنا كنت مصدومة.
لكن ساعتها اديت ليه العذر وقلت يمكن يكون مستني حاجة مهمة أو يمكن تكون حاجة تانية مضايقاه خصوصا إنه رجع لطبيعته بعد كده واتأسف لي إنه اتنرفز وهو معايا، وأنا فعلا نسيت كل حاجة عن الموضوع يمكن علشان كنت واثقة إنه مش ممكن يعمل كده معايا وإن ممكن صاحبه ده يكون مضايقه في حاجة.
لكن للأسف كنت غلطانة وموهومة فالحكاية دي اتكررت كتير وعلى أقل حاجة يعني نكون مع بعض في العربية وألاقيه مشي في طريق أطول أو زحمة فأقول له إنه ممكن يدخل من طريق تاني يوصلنا أسرع فيتنرفز ويقعد ينفخ وازاي أتجرأ وأعدّل عليه، وحاجات أنا فعلا ماباكونش قصداها.. أنا برضه باكون خايفة عليه لا يتضايق من الطرق الزحمة أو اللف الكتير لكن برضه مافيش فايدة وأنا بصراحة كنت بحبه وماكنتش فاكرة إن حكاية العصبية دي هتأثر على حياتنا بعد كده ويمكن كمان كان عندي أمل إنه يتغير.
لكن جنيت على نفسي لأن الموضوع زاد قوي بعد الجواز وكمان وصلت للانفعال حتى على "هدى" بنتنا فماكانش بيطيق يسمع عياطها وكان بيتهيألي إنه ممكن يحط المخدة على دماغها علشان يخلص منها.
كنت كل يوم أول ما بيخرج الصبح للشغل يادوب بابدأ أرتاح وأعرف إني هاخد هدنة ولكن أول ما باسمع صوت العربية آخر النهار بابدأ أتشاهد وأحضر نفسي لمعركة حربية فهو يا إما متضايق من الطريق يا إما من حاجة في الشغل يا إما.. يا إما.. يا إما وطبعا كله بيطلع عليّ وعلى البنت يتنرفز ويشخط ويرزع في الأبواب ويبقى فعلا... بيطلع نار... وكمان بقى مرة يعتذر وعشرة لأ لحد لما خلاص كل الحب اللي كان في قلبي تحول لذعر وخوف وقلق، بقيت رهينة دائما لمزاجه.. بقيت حاسّة إني ماشية على "طراطيف صوابعي" وياريته كان نافع إلا إن برضه ماكانش فيه فايدة، فشلت كل محاولاتي لتجنب عصبيته اللي ماكانتش بتكون عادية زي معظم الناس لكن فعلا بيكون "انفجار".
وفضلت مستحملة طبعه ده 4 سنين لحد لما في يوم جات "هدى" وقالت لي إنها مش بتحب باباها وبتتمنى إنه يموت علشان يرتاحوا، ساعتها بس فقت وعرفت قد إيه أنا غلطت في حق نفسي ولو ماصلحتش الغلط ده هاجني كمان على بنتي وقررت طلب الطلاق وقد كان.
ولكن برضه ماحصلش ده بالساهل غير لما اتنازلت عن كل حقوقي المالية وحتى عن نفقة البنت وده كان في مقابل تعهد منه بعدم التعرض ليّ أو لبنتي وإني أكون الحاضنة ليها والمسئولة عنها لحد لما توصل لسن الرشد.
وهنا stop
في البداية لازم نعرف إن كل واحد لازم يكون فيه عيوب، والعيوب دي ممكن تتغير.. تقل أو حتى تزيد مع مرور الزمن ولكن ده في الأول وفي الآخر بيتوقف على رغبة كل واحد إنه يصلح من عيوبه وإنه يكون أفضل.
ولو القاعدة دي طبقت على معظم عيوب البشر فإنها بتكون أوضح جدا في حالة العصبية أو النرفزة. فإصلاح العيب ده على قد ما بيكون صعب على قد برضه ما بيكون سهل جدا التخلص منه بشرط توفر الإرادة لده.
صحيح إن معظم الناس دلوقتي بتتنرفز من حاجات كتير وأعصابها على طول مشدودة بس ده مش مبرر للغلط والتهور وأحيانا للضرب.
فعيب الشخص العصبي إنه من ناحية بيكون حاسس إنه عنده حق وإن الناس هي اللي غلطانة وعلى هذا الأساس مابتكونش عنده النية أصلا إنه يتغير لأنه مش شايف إنه بيعمل حاجة غلط، يعني دايما بيلاقي لنفسه المبررات، يعني حتى لو حس إنه فقد أعصابه ممكن على أحسن الأحوال إنه يقول إن الناس هم اللي بيخرجوني عن شعوري....؟!
ولكن كمان ممكن الموضوع يكون معقد عنده أكتر من كده ويقول أنا طبعي كده واللي عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه...؟!
يعني.. مافيش فايدة.. ؟!
لأ طبعا ماحدش يقدر يقول كده لأن كل مشكلة ولازم ليها حل.. المهم نعرف أصل المشكلة إيه علشان نقدر نحلها.
وغالبا بنلاحظ إن الطبع أو الشخصية دي بتكون على الناس اللي أقل أو أضعف منه سواء على المستوى الإنساني أو العملي في حين لو رئيسه في الشغل مثلا ضايقه بيقدر يمسك أعصابه لحد لما يطلّع غضبه على حد تاني.. يعني الموضوع مابيبقاش طبع ولا إيه....؟!
والحل زي ما قلنا بيكون من ناحية متوقف على الشخص العصبي نفسه ومدى رغبته في إنه يتخلص من العصبية دي وده طبعا مش هيحصل إلا لما يحس إنها بتضره سواء جسديا أو نفسيا أو على مستوى العلاقات الإنسانية، وإنه زي ما هو أكيد مابيحبش إن حد يتنرفز عليه أو بيكون منزعج من الصوت العالي أكيد اللي حواليه برضه بيكون عندهم نفس الإحساس.
لكن من ناحية تانية المتعاملين عن قرب مع الشخص العصبي عليهم برضه دور وأهم حاجة لازم يعملوها اتخاذ أي موقف إيجابي قدام الشخص العصبي أثناء عصبيته أو بعدها؛ يعني بلاش خلق المبررات والأعذار اللي على الفاضي وعلى المليان.
فبدل ما يسألوا نفسهم عن سر عصبيته وإيه اللي منرفزه، يبدأوا في سؤال أنفسهم ليه المفروض إننا نستحمل المعاملة دي؟! ويتبع هذا سؤال تاني وهو إيه المفروض يتم علشان المعاملة دي ماتتكررش تاني...؟!
لكن غالبا بتتراوح ردود الأفعال بين الابتعاد عن الشخص العصبي نهائيا حتى يهدأ أو محاولة تهدئته وتلبية جميع طلباته وتحمل عصبيته وعدم التركيز على الإهانة اللي تعرض ليها الأشخاص المحيطين بيه أو اتخاذ موقف إيجابي يتمثل في عقاب معنوي أو مادي وده طبعا بيخلي الموضوع يزيد مادام بيلاقي اللي هو عايزه وكمان بيتم تبرير سلوكه مهما كان عدواني أو مبالغ فيه.
علينا من ده بإيه...؟!
طيب والسؤال هنا إيه اللي ممكن يجبر أي حد على إنه يعجب بإنسان بالشكل ده ويرتبط بيه ويختاره شريك لحياته..؟!
والإجابة الجاهزة إن ممكن ماكانش باين عليه -أو عليها- العصبية في بداية الارتباط وإنه -أو إنها- اتغيرت زي ما بيحصل وكتير بيقولوا إنهم اتجوزوا حد تاني خالص غير اللي حبوه وعرفوه.
والرد على الكلام ده هو إن مافيش حد بيتحول لشخص عصبي بين يوم وليلة وأكيد بتكون فيه بوادر وتلميحات من الأول للعصبية دي لكن الطرف التاني بيتجاهلها عن عمد أو عن غير عمد سواء بسبب انبهاره بالطرف التاني، خصوصا في البداية، وعدم تصور وجود أي عيوب فيه أو بسبب إن يكون حد بيدور "بدون وعي منه طبعا" على شخص عصبي!!
وده لأن العصبية عند بعض الناس بتكون مرتبطة بقوة الشخصية وإن الشخص اللي بيعرف "يشخط" ده معناه إنه إنسان قوي.
لكن ده طبعا تصور خاطئ لأن الإنسان اللي شخصيته قوية فعلا هو اللي بيقدر يتحكم في أعصابه ومش أقل حاجة تنرفزه وتخرجه عن شعوره.
لكن فيه ناس تانية العصبية عندها مرتبطة بالحب وده بسبب إنها بتكون نشأت في جو مشحون بالعصبية نتيجة لاتصاف الأم أو الأب أو هما الاتنين بالصفة دي وعلى قد ما ممكن تكون كرهت الجو ده على قد ما بتكون خلاص اتعودت عليه واتعودت إنها تدي مبررات للعصبية والخروج عن الشعور وبيكون فيه تقبل عام للحالة دي.
وبالنسبة للناس دي لازم تعرف تفرق كويس قوي بين حب الأب والأم وعصبيتهم ونرفزتهم أحيانا على أولادهم وده من خوفهم عليهم ومسئوليتهم عن تربيتهم، وبين نرفزة وعصبية شريك الحياة لأن المفروض إنهم متساويين في الحقوق والواجبات ومافيش حد منهم وصي على التاني ومافيش حد من حقه يهين الطرف التاني أو يستخدمه كوسيلة لتفريغ شحنات ده طبعا لو بيحبه، وكمان بيحترمه ومش حاسس إنه أقل منه لأن زي ما قلنا الشخص العصبي ده ممكن جدا إنه يقدر يمسك أعصابه قدام ناس غريبة مثلا، أو قدام رؤسائه في الشغل.. يعني الموضوع مش صعب.
كن فيكون
ومرتبط غالبا بالعصبية صفة تانية وهي حب السيطرة أو الرغبة في التملك وهما مرتبطين ببعض لدرجة إن كتير بيفتكروا إنهما -يعني العصبية والتحكم- حاجة واحدة.
وده لأن اللي عنده حب سيطرة دايما بيكون عايز كل حاجة تمشي حسب رغبته وحسب الخط اللي هو راسمه وإلا ثورة وغضب و...و...و...
ومانقدرش ننكر إن كل واحد أو واحدة فينا بيكون عنده/ها رغبة في إنه يكون مسيطر على أمور حياته وإنه ينظمها بالطريقة اللي تعجبه من غير تدخل أو تحكم خارجي سواء كان التحكم ده من شخص تاني أو من ظروف مفروضة علينا.
لكن المقصود بالتحكم هنا أو حب السيطرة واللي بيكون عيب ممكن يهدد الحياة المشتركة لأي اتنين إنه يكون تحكم زائد في كل التفاصيل وفي أقل التفاصيل مش في حياته بس لأ ده كمان في حياة المحيطين بيه.
وده زي اللي حصل بين "نور" و"أيمن":
فمشكلة "نور" كانت إنها دايما شايفة إنها بس اللي صح وإن طريقتها في الحياة وفي التفكير هي بس اللي هتوصلها هي و"أيمن" لبر الأمان وعلى هذا الأساس كانت دايما بتحاول تفرض رأيها ورغبتها عليه ولو ماعملش اللي هي عايزاه يكون الزعل والتكشيرة والنرفزة هي الحل الوحيد.
وممكن دي ماتكونش المشكلة في حد ذاتها لكن مشكلة الشخص اللي زي "نور" إنه بيكون صعب عليها جدا إنها تعترف أصلا بحاجتها لوجود إنسان تاني يشاركها حياتها وإنها ممكن تعيش لوحدها وتصرّف أمورها بنفسها ومابتعترفش أبدا بضعفها البشري الطبيعي واحتياجها لإنسان يفكر معاها ويشاركها حياتها بل بتكون فاكرة إن الناس التانية همّ اللي في حاجة ليها وإنها بسيطرتها عليهم كده هي بتؤدي ليهم خدمة وإنهم مش حاسّين بقيمتها.
وعلى هذا الأساس فمهما شريك حياتها عمل ليها فبيكون عندها إحساس إنها مش محتاجة لده كله وده طبعا بيوصل للطرف التاني ويبدأ يحس إن مافيش فايدة وإن الطرف التاني شايفه دايما في منزلة أقل منه وإنه محتاج دايما لوصاية.
والحل زي ما هو في حالة العصبية لازم ييجي من الشخص نفسه وإنه يعرف إنه مش على طول بيكون صح وإن مافيش حد بيقدر يعيش لوحده وكمان من المحيطين بيه يعني مش كل حاجة هو عايزها تتنفذ من غير تفكير.
وممكن كمان حل تاني وهو اللجوء لطرف تالت لمعرفة مين الصح ومين الغلط لأن الشخص المتحكم ده مش كل طلباته أو أوامره بتكون غلط لكن أكيد بتكون فيه حاجات صح وفي مصلحته ومصلحة المحيطين بيه لكن شخصيته بصفة عامة ممكن تجبر الآخرين إنهم "يعندوا فيه" وعلشان كده لو هو أو المحيطين بيه محتارين وخايفين يظلموا أنفسهم أو يظلموه ممكن اللجوء لطرف تالت لمعرفة وجهة نظر مين الصحيحة والوصول للحل المفيد للجميع.
يعني من الآخر كل مشكلة ولازم يكون ليها حل المهم الاعتراف بوجود مشكلة أصلا وعدم تجاهلها وبعدين توفر الإرادة لحلها من كل الأطراف المشاركين فيها وده طبعا لو في حب حقيقي ورغبة في تحقيق السعادة للجميع مش لشخص على حساب التاني.