كارثة إنسانية في السكة الحديد عند قليوب
مصرع58 وإصابة143 في تصادم قطارين.. ومبارك يأمر بعلاج الحالات الحرجة
الحادث وقع بسبب تعطل جهاز التحكم وتجاهل الإشارة الضوئية
الاستعانة بالقوات المسلحة لقص كتل الحديد لاستخراج الجثث
علاج المصابين في6 مستشفيات.. و تجميع الأشلاء في مشرحة زينهم
موقع الحادث يوضح حجم الكارثة وشدة الاصدام
في كارثة جديدة من مآسي القطارات.. لقي58 راكبا مصرعهم, وأصيب143 بإصابات مختلفة, في حادث مروع قرب مساكن مدينة قليوب في السابعة و15 دقيقة صباح أمس, عندما اصطدم القطار رقم808 القادم من المنصورة إلي القاهرة بمؤخرة قطار الركاب رقم344 المتجه من مدينة بنها إلي القاهرة, ولم يستطع سائق قطار المنصورة( عبدالرحمن عبدالعاطي), الذي لقي مصرعه, تهدئة السرعة أو إيقاف القطار لعطل بجهاز التحكم الآلي, فاصطدم بعنف بقطار بنها, مما أدي إلي تناثر بعض أشلاء الضحايا بين حطام القطارين, بينما سارع مئات الركاب بإلقاء أنفسهم من النوافذ والأبواب للنجاة, خاصة أن شدة الاصطدام أشعلت حريقا بين عربات القطارين, وأمكن السيطرة عليه بسرعة قبل أن يلحق بالضحايا والمصابين, وأمكن إنقاذ الجثث من التفحم.
وفي لحظات بدت كالجحيم تحولت العربات الثلاث من مؤخرة قطار بنها إلي حطام وكتل من الحديد المعجون بالدماء والأشلاء التي تناثرت لمسافات بعيدة, بينما تهشمت تماما مقدمة قطار المنصورة وعربتان خلفها.
سيناريو المأساة رواه شهود العيان من الناجين, ومعظمهم من الموظفين والعاملين في القاهرة, بعضهم أكد أن قطار بنها هدأ من سرعته وتوقف بشكل مفاجئ بمحطة قطارات قليوب, علي الرغم من أنه ليس مصرحا له بالتوقف في هذه المحطة, بينما أكد البعض الآخر أن القطار لم يتوقف وإنما هدأ من سرعته فقط, وكانت عرباته مكتظة بالركاب, والبعض كان جالسا علي المقاعد, والكثيرون يملأون الطرقات وقوفا, وفجأة ودون سابق إنذار; كان الموت قادما بسرعة مع القطار القادم من المنصورة بسرعته المعتادة, وفوجئ السائق بقطار بنها أمامه علي الخط نفسه, ولم ينتبه إلي الإشارة الضوئية التي تنبهه لتهدئة السرعة, فحاول جاهدا مع مساعده هاشم فتحي إيقاف القطار أو تهدئته, ولكنهما اكتشاف أن جهاز التحكم الآلي لا يعمل, وأصبح القرار للقضاء والقدر كما جرت العادة في جميع الكوارث.
وكالعادة جسدت المأساة ملاحم شهامة المصريين من الأهالي والناجين, الذين اندفعوا لإنقاذ المصابين, والتقاطهم من بين الحطام, وإنتشال جثث الضحايا وسط صعوبات بالغة, حيث انحشرت عشرات الجثث داخل الحطام, في الوقت الذي أسرعت فيه فرق الإنقاذ, والإسعاف, والدفاع المدني, ومحافظ القليوبية المستشار عدلي حسين, ووزراء: الصحة, والنقل, والتضامن الاجتماعي إلي موقع المأساة.
وقد واجهت فرق الإنقاذ صعوبات كبيرة في انتشال جثث الضحايا من بين حطام العربات, بعد أن تحولت إلي كتل من الحديد المطحون, فتمت الاستعانة بفرق متخصصة من القوات المسلحة, وهيئة السكك الحديدية لقص ونشر الحطام لاستخراج الجثث المشوهة, وبعض الأشلاء العالقة, وتم تجميع كل الجثث المجهولة والأشلاء ونقلها إلي مشرحة زينهم, تمهيدا للتعرف عليها من ذويهم, أو بتحليل الحمض النووي.
وانتقل إلي موقع الحادث المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام علي رأس فريق من أعضاء النيابة لإجراء المعاينة علي الطبيعة, ولسؤال المصابين في المستشفيات.وأمرت النيابة بالتحفظ علي مساعد سائق قطار المنصورة المصاب.
وفور وقوع الحادث, طلب الرئيس حسني مبارك توفير مختلف أوجه الرعاية الطبية للمصابين, وضرورة نقل المصابين من ذوي الحالات الحرجة إلي المراكز الطبية المتخصصة بالقاهرة لتلقي العلاج علي نفقة الدولة.
وأصدر الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تعليمات عاجلة إلي الجهات المعنية بضرورة إعطاء الأولوية القصوي لإنقاذ المصابين, وانتشال جثث الضحايا, وتقديم كل الرعاية للمصابين, وطلب نظيف من وزير الصحة سرعة التحرك, علي أن تتحمل الوزارة جميع التكاليف اللازمة.
وصرح الدكتور مجدي راضي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء بأن الدكتور نظيف ظل علي اتصالات مستمرة بالوزراء المعنيين, خاصة وزيري النقل محمد لطفي منصور, والدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والسكان.
وفي موقع الحادث; عقد وزراء: الصحة, والنقل, والتضامن الاجتماعي مؤتمرا صحفيا قال فيه الدكتور الجبلي: إنه تم رفع درجة الاستعداد للحالة القصوي في عشرة مستشفيات قريبة من موقع الحادث, وعدد من المراكز الطبية المتخصصة, مشيرا إلي أن عدد المتوفين ارتفع إلي58 قتيلا, وأن عدد المصابين ارتفع إلي143 من بينهم أربعة في حالة حرجة, مشيرا إلي أن زيادة أعداد سيارات الإسعاف التي بلغت50 سيارة أسهمت بشكل كبير في إنقاذ المصابين, كما قامت هذه السيارات بنقل جثث المتوفين إلي ذويهم بعد التصريح بدفنهم, وأوضح أنه يجري حاليا اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعرف علي أصحاب الجثث المجهولة بالتعاون مع الطب الشرعي, وغرفة العمليات الرئيسية بالوزارة.